السبت، 25 سبتمبر 2010

القادشية أو رعمسيس: ما أعظمك وأنت قادم إلى قادش

لقد كان اعتلاء رمسيس عرش بلاده، إيذان الكون بعودة ميلاده. وفي صيف سنته الخامسة، يتحرك ثاني الرعامسة، وقد قسم جيشه أربعا، فقسم آمون قد رعا، وقسم قلده رعا، وثالث ورابع لست وبتاح، عسى أن يتاح له افتتاح.
 
وفي الطريق قادما إلى قادش، لا يخدش من جلاله خادش، قابل رمسيس الثاني، جاسوس له ثاني، فيا ترى من أين وإلى أين، جيء بهذين الجاسوسين؟ يقول الجاسوسان بلسان واحد، عن قلب حاقد وحاسد وجاحد، وهما قادمان من حيث الحيثيون الأعداء: نفسي لرمسيس الفداء، ويا لهما من جاسوس يأتيك بالأمر من فصه كمن رأى القاموس في أقصاه، فبهت القوم كأنما ألقى موسى عصاه.
 
يقول فرعون ماله سي، للعدو الحيثي: من جرأك، ومن جرّ أقدامك وفيك إقدامك، وأمامك رمسيس، ألا ترعوي؟ أم تراك تريد بالنار أن تكتوي؟ ويرد الحيثي الخاسئ الخاسر، على فرعون القاصر، مخاطبا إياه كالمناصر: إن نبأ نزول جلالتك أرض قادش قد قذف الرعب في قلوب الحيثيين، فانقلبوا إلى أهلهم خاسرين خائبين، يتمنون النجاة والخلاص، قبل أن تحين لات حين مناص.
 
وفي أقل من غمضة عين، يؤمن رمسيس لهذا العين، ويتحرك بكتيبة كتب عليها هلاك، ويا رمسيس ربك قد ابتلاك.
 
والآن أيها السيدات والسادة، أصف جو المعركة وما ساده، أرى رمسيس رغم ابتعادي، وقد دارت به خيل الأعادي، وقد دارت رحى الحرب، دارت رحاها بعنف، فأف لها أفّ، وترددها أصداؤها في منف، فالعظيم جدع منه الأنف. أرى رمسيس في مسيس الحاجة إلى الدعاء، وقد تفرقت عنه الجنود جمعاء، أراه يحسن السعي، بعدما كاد يفقد الوعي، وكأني أسمع صلاته وابتهاله، بعدما رأى ما هاله، إذ انهال عليه الحيثيون الحثالة، أراه راكبا عربته الحربية، راكعا قلبه ولكن بنفس أبية، لا تذعن إلا للنصر، كأنها في حصن حصين أو قصر.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق